

- الأربعاء ١٦ يناير ٢٠٢٥
- أنواع الترجمة
ترجمة فرنسي مرض التوحد
هذه ترجمة شركة جوجان كـ مكتب ترجمة معتمد ان تقدم خدمة الترجمة من اللغة الفرنسية الى اللغة العربية وهذا كنموذج من احدى الاعمال من اللغة الفرنسية الى العربية لعل فيه فائده للمهتمين بالمجال
مرض التوحد واللغة
تنطلق المشكلات اللغويّة لدى الأشخاص المتوحدين من غياب النمو الوظيفي اللغوي (50% من الأشخاص يظلون غير ناطقين) إلي النمو الوظيفي للغة، بل ونمو الاستخدام الفطري. وتظهر اللغة أحيانًا في نهاية السنة الأولي لتختفي بعد ذلك. وفي هذه الحالة، قد يظهر التعبير الشفهي مجددًا أو لا يظهر في النمو اللاحق. فالتبكير في ترسيخ اللغة يعد أمرًا مهمًا لأن الأطفال الذين تظهر عليهم عناصر اللغة في عمر سنتين يتمتعون بتشخيصٍ أمثل عن غيرهم من الأطفال ( Rogersو1990 Dilalla).
حتى وإن كانت عيوب اللغة تقع فعلاً ضمن اضطرابات التوحد، فإن مشكلة التواصل مشكلة أعم لأن كافة جوانبها اللفظيّة أو غير اللفظيّة تتأثر بذلك.
وعندما تنمو اللغة، فإنها تشتمل على خواص تسمح بتمييز الأطفال المصابين بالتوحد عن غيرهم من الأطفال الذين يعانون من اضطرابات نوعيّة في اللغة. فالاستيعاب محدود ويظل أفقر بصفة عامة مما يتصوره المحيطون بالأطفال. وقد اعتاد الأشخاص القريبون في الحقيقة على تقديم مؤشّرات سياقيّة تسهل كثيرًا من عملية الاستيعاب دون أن يقصدوا ذلك، وبخاصة في إطار الأنشطة الروتينيّة التي تتكرر في الغالب، ومن ثّم التي يمكن توقعها وربطها ببعض الكلمات أو بعض التعبيرات. فالاستيعاب فضلاً عن ذلك يعد أمرًا حَرفيًا حيث إن الطفل لا يدرك المعلومات التي ينبغي استنتاجها وتقديمها بشكل غير مباشر، لأن الاستعارات لا تكون مفهومة تلقائيًا.
قد تختبئ مشكلة الاستيعاب وراء لغة تعبيريّة بمستوى ثابت نسبيًا إلا أنها تظل قليلة التَكَيُّف بصفة عامة مع المواقف الاجتماعيّة.
وفيما يتعلق باللغة التعبيريّة، فإن الشخص المتوحد قلّما يبدي اهتمامًا بالتواصل إلا للتعبير عن احتياجاته أو اهتماماته الخاصة. وفي هذا الإطار، قد تنمو مفردات مهمة إذ أن الشخص قادر على تذكر الألفاظ ذات الصلة بدائرة اهتماماته، وقد تنمو لديه وسائل فطريّة وغير تقليديّة وذلك عندما لا يملك أدوات التواصل الأكثر توافقًا. حينئذٍ، قد تظهر على هذا الشخص اضطرابات ناتجة عن السلوك أو عمليّات إيذاء الذات أو المصاداة التكراريّة. وتعد المصاداة المباشرة جزءًا من نمو لغة الشخص المتوحد وهي تسجل عدم فهم وظيفة التواصل اللغوي في الحقيقة. ويمكن استرجاع عدة تعبيرات وقطع من الجمل ليس لها علاقة بالسياق، كما يتم تذكر وتكرار العديد من القصص التعليميّة والأغاني والشعارات الدعائيَّة. فمعظم الأطفال الذين يتمكنون من اللغة يمرون بفترة المصاداة بحيث يكررون ما يقوله الغير بدل من الانتقال إلي استكمال التفاعل. وفي هذا المسار للنمو، تأتي الاستجابات للأسئلة المطروحة بصعوبة ويخضع هذا النوع من تبادل النقاش إلي تعلم منهجي بحيث ينسجم الأطفال الآخرون مع الموقف بتلقائيّة. وقد أشار كل من Alو Prizant (Pizant, Duchant 1981; Prizant, Rydell 1984) إلي أن المصاداة كان من الممكن أن تتميز بعدة وظائف مختلفة( الطلب، والاعتراض، والتأكيد، والتصريح، والنداء، والسرد، وضبط النفس). كما إن المصاداة قد ينظر إليها كجهد مبذول للتواصل وليست فقط
كإنتاج منحرف. وهي تمثل نوعًا من ظهور التواصل، والذي قد تستند إليه الجهود المبذولة لتنمية التواصل الوظيفي لدى الطفل.
وعناصر اللغة التي تغير المعنى (مثل الضمائر الشخصية " أنا، أنت" أو حروف الجر مثل "في، على، فوق") يصعب استخدامها استخداما منضبطًا. وقد يكون استخدامها صحيحًا في عدة مواقف محددة (على سبيل المثال من خلال التعبيرات الثابتة) ولكن ليس في سياق أوسع. فالنبرة والترنيم قد يكونا غريبين وميكانيكيين.
وتعد المهارات التفاعليَّة مهاراتٍ فقيرة، ولا يستطيع الشخص المتوحد المشاركة الطبيعية في محادثة ما، ويمكنه أن يكتسب عدة تكوينات لغويَّة مناسبة، كما يمكنه أن يجتاز نسبيًا بعض الاختبارات اللغويّة، بَيد أن المهارات اللغويّة لا تُستخدم استخدامًا صحيحًا في موقفٍ ما من المواقف الاجتماعيّة. أضف إلي ذلك، تعد اللغة أمرًا ملموسًا وتتميز بقليل من المرونة. وعندما تكون الدعابة حاضرة فإنها تقتصر على تجانس الكلمات والألعاب الكلاميَّة الثقيلة نوعًا ما. فتناوب الأدوار واستخدام الإشارات مثل تحريك الرأس وغيرها من عمليات التواصل الأخرى غير اللفظيّة تعد أمورًا غائبة أو مشوشة. إذًا، إن المستوى البرجماتي هو أكثر المستويات بلوغًا في مرض التوحد. كما إن الاستخدام الخاص باللغة في السياق الاجتماعي للتواصل هو الذي يثير المشكلة حتى لدى الأشخاص الذين طوروا مستوى جيد من التعبير اللفظي.
وتعكس كافة هذه العناصر الانحرافات المعرفيَّة والاجتماعيّة. وقد أوضحت العديد من الدراسات أن عيوب اللعب الرمزي والتقليد ترتبط بمستوى اللغة، الأمر الذي يشير إلى أن مشكلات التواصل ترتبط بمشكلات التفاعل والإدراك الاجتماعي أكثر من ارتباطها بالمشكلات الحقيقيّة لتنظيم اللغة. فقليل من الاستخدام التلقائي لإشارات التواصل سواء كان الأمر يتعلق باللغة أو بالإيماءات يعد أمرًا رئيسيًا بالفعل في حالة التوحد. وفى المقابل، تمت الإشارة كذلك إلى أن الأشخاص المتوحدين لم تكن تنقصهم النية في التواصل إلا أنه تظهر عليهم بالأحرى قيود مفروضة على استخدام هذه الإشارات لأغراض التواصل الاجتماعي. ويجد الأشخاص المتوحدون صعوبات في استخدام أو إتباع المؤشرات لتحقيق الاهتمام المشترك سواء كان ذلك في موقفٍ ملموس (عرض شيء ما لجذب الانتباه) أو من خلال موقفٍ أكثر تجردًا (الثرثرة وتبادل المعلومات لتحقيق المتعة الجماعيَّة). وفي نهاية المطاف، نجد أن موقف المشاركة الاجتماعيّة هو الذي يمثل الإشكاليَّة وأن أشكال التواصل التلقائي معنية على الأحرى بمواقف الطلب المتعلقة بالاحتياجات الخاصة أو البحث عن المساعدة. فالشخص المتوحد يصعب عليه فهم وجهة نظر الغير.
وهناك دراسة حديثة تؤكد على العلاقة القائمة لدى الأطفال الكبار بين القدرة على الاستجابة للاهتمام المشترك والنقاط اللغويّة المحرزة والقابلة للتأثر. ومن ثم، إن الإدراك الاجتماعي هو الذي يحقق النقطة المشتركة بين هاتين المهارتين. بل إن أشخاصًا يتمتعون بمستوى جيد وقدرات نُحَويَّة مرتفعة يعانون من بعض الصعوبات في إتباع القواعد الاجتماعيّة للحوار. وعند النظر إلى هؤلاء الأشخاص كأشخاص غير تواصليين أو غير تفاعليين، فيا حبذا التفكير في أن القيود المفروضة على التواصل تنشأ عن الصعوبات التي يعانون منها في اكتساب الأهداف التواصلية ذات الطبيعة الاجتماعيّة والوسائل التقليديَّة للتواصل.
مرض التوحد ومعالجة المعلومات
هناك عدة فرضيَّات خاصة بالمعالجة النوعيَّة للمعلومات لدى الأشخاص المصابين بالتوحد قد تمت دراستها.
مشكلة تحصيل المعلومات
يعد انسجام المعلومات الحاسيَّة مشوشًا في حالة التوحد، كما تتأثر حواس الإبصار والسماع واللمس بالإضافة إلى التأثر المحتمل لحواس أخرى مثل الشم والتذوق.
ويمكن تخفيف أو زيادة الإشارات الصادرة عن هذه القنوات كما يمكن اضطرابها من لحظة إلي أخرى، وكذلك تسجيلها بعد مهلة معينة. وأن هذه الانحرافات بالإضافة إلى عدم الربط بين هذه المعلومات تضفي طابعًا غير مرتبط بالبيئة المحيطة وتسهم في جعلها مستحيلة التوقع ومثيرة للقلق. وتشترط هذه الاضطرابات الكيفيَّة التي يتصرف بها الطفل. وعلى عكس الاهتمام الحصري، ترتبط بعض ردود فعل التلافي والخوف بعيوبٍ في المجال الإدراكي. قد تكون عمليات التعلم صعبة أو مشوهة جرّاء حدوث اضطرابات في إدارة المعلومات الحاسيَّة.
وهناك دراسات عديدة حول الاضطرابات الحاسيَّة بسبب انتشار العيوب وتبعاتها حول التَكَيُّف. وقد وضعت بعض نماذج التوحد هذه العرضيَّة الحاسيَّة في قلب متلازمة التوحد وذلك من خلال جعلها اضطرابًا أوليًا يندرج تحت التوحد وليس عرضًا وثيق الصلة.
ومنذ الوهلة الأولى ومع مراعاة تعدد عيوب السلوكيَّات الحاسيَّة، فإن المشكلة قد انحصرت علي مستوى تحصيل المعلومة. وقد كانت أعمال كل من Hermelin وO'Connor (1970) تدور حول فرضيّة العجز عن الترميز الدلالي
للمعلومات. وكانت هذه الخبرات المندرجة تحت وجهة النظر هذه تدور حول الحفظ والاستظهار تبعًا لنوع الأداة. وبطبيعة الحال عندما تُنَظمُ الكلمات في جمل ذات معنى، فإن الاستظهار يكون أسهل من الحالة التي تكون فيها الكلمات غير منظمة. وكان هؤلاء المؤلفون قد أشاروا إلي أن الأداءات في استظهار المعلومة اللفظيّة ليست متحسنة عند المتوحدين من خلال تنظيم الكلمات، وهذا ما قد يتطلب تخزين البيانات بشكل مجرد وألا تخضع هذه البيانات للتنظيم تبعًا للمعنى. إلا أن الدراسات اللاحقة قد أوضحت أن مستوى النمو يؤثر بقوة على القدرة على إدراك بنية الجمل ( Fyffeو1978 Prior). فالعجز الذي استند إليه كل من HermelinوO'Connor على مستوى الأداة اللفظيّة لا يبدو أنه نوعى بل يمثل مؤشر الإعاقة الفكريّة.
وقد أكدت أبحاث أخرى على كون العجز كان من الممكن أن يؤثر على تحصيل المعلومات الأخرى وأن دوره لم يكن يقتصر إلا على اللغة. وبصفة عامة، يستخدم المتوحدون المعلومة استخدامًا صحيحًا دون إعادة ترميزها وهم يعتمدون عمليات معالجة تظل خاصة بالشكل الحاسي الذي حصلت من خلاله المعلومة وهم قلما يسهل عليهم استدعاء التوظيف الأعلى مستوى من خلال استخدام الرموز. ويسهل استرجاع الأداة المنسجمة من خلال الصدى لأنها غير منظمة تبعًا لبنية أكثر إعدادًا وفقًا لأحدى العمليات المعتادة والتي تسمح بإضفاء أحد المعاني علي المعلومة. ويوجد هذا المفهوم في المهارات النوعيَّة النامية من خلال المهام التي تتضمن بعدًا إدراكيًا. هنا تتم عملية استرجاع المعلومة بأمانة، بحيث تشير قبل أي شيء إلي أن ذاكرة البيانات الخام هي التي تتدخل على حساب عملية الإعداد من خلال تفسير المعلومة. ويتضح هذا الشكل التوظيفي من خلال بعض القدرات على الاستنساخ شبه الفوتوغرافي عن طريق الرسم، والاسترجاع الصحيح للألحان، وحفظ الروزنامات، والتأتأة.
قد تطورت حلقة أخرى من حلقات تفسير التوظيف الفكري للمتوحدين من خلال الاتصال بالعيوب الحاسيَّة لديهم. ومنذ أول وهلة، نجد أنه قد تم الاستناد إلى فرضيّة الخلل الوظيفي للحواس على مستوى المستقبلات التي تسبب حساسيّة غير طبيعيّة للمنبهات. وفي الأعمال الأخرى في مجال الحواس، نعتبر أن الطفل المتوحد كان عاجزًا عن إعطاء معنى للبيئة المحيطة لأنه كان لا يستقبل المعلومات استقبالاً صحيحًا. وقد أخذ بعض الكتاب
بفرضيّة الأشكال الحاسيَّة المُمَيّزة مثل اللمس والتذوق، والشم لدى المتوحدين (أنظر: 1956 Goldfarb،1961، Schopler1965، 1966)، الأمر الذي قد يكون له تبعات على طرائق الاستكشاف والتواصل. وهذه الفرضيّة لم تلقى قبولاً.
ويرى جانب أخر من المؤلفين (Lovas وAl 1970) أن الانتقائيَّة العالية للمنبهات هي التي تقود الطفل إلى عدم الاستجابة سوى إلى نوع معين من المعلومات من بين المعلومات الأخرى، ومن هنا يتأتى اهتمامه الغريب بعناصر غير وثيقة الصلة وعدم اكتراثه بجوانب البيئة المحيطة التي تشغل بصفة عامة الأطفال العاديين.
ومع ذلك، لا يمكن لهذه الانتقائيّة العالية أن تفسر وحدها العيوب السلوكيَّة التي يتم مواجهتها في حالة التوحد. كما إنها ليست خاصة بالتوحد وهناك جزم بارتباطها على الأحرى بالعجز الفكري. ومن جانبهما، وجه Ornitz وRitvo (1968) تفكيرهما نحو فرضيَّة التقلبات الإدراكيَّة. وهناك أعمال (Hutt وِAl. 1964) كانت قد اقترحت أن الطفل المتوحد قد يكون في حالة يقظة مزمنة في غاية الأهميّة وأن السلوكيَّات المقولبة والانسحاب قد تكون وظيفتها هي الحد من اليقظة. وقد استأنف كل من Ornitz وRitvo العمل بهذه الفكرة من خلال تعديلها مع ذلك لتقديم فكرة أن وجود تقلبات بين حالات الفرط وفرط اليقظة قد تولد صعوبة في تعديل المُدخلات الحاسيَّة، الأمر الذي قد يضفي على التجربة الحاسيَّة طابعًا غير مستقر تمامًا. فضلا عن ذلك، قد يعاني الطفل من صعوبة في تنسيق المُدخلات الحاسيَّة مع التنفيذ المحرك وفي الإبقاء على مستوى أمثل لليقظة وتركيز الانتباه. وكما يرى المؤلفون، قد ترتبط المشكلة بخللٍ وظيفي دهليزي أو بعيوب وظيفيّة في الجهاز
الجوفي أو الجهاز المخيخي.